الرئيسية » كتاب » التفكير الإستراتيجي » قوانين النهضة
تمهيد ..
ابتدأ الكاتب ممهدا لكتابه مستبشرا ومبشرا لتلك المرحلة التي تمر بها الامة بانها مرحلة الصحوة بل والتي تكاد تجتازها الى مرحلة جديدة وطور جديد ، ويؤكد الكاتب اهمية وجود دور العقل المرشد صاحب الرؤية الاستراتيجية الواضحة في مرحلة اليقظة للسير الى طريق النهضة من خلال جهود منظمة مبيّنا بذلك اهمية قوانين النهضة لكل من يهفو الى التغيير لكي لا يقع فريسة للارتجال، فهذا الكون خُلق على النظام وبعيدا عن العبثية ويفيد هذا الكتاب الراغبين والعاملين في طريق النهضة سواء كانوا افراد او قادة او حتى مؤسسات نهضوية ودول تسعى لبناء ذاتها ونهضتها.
قوانين النهضة ..
[
القانون الاول … الفكرة المركزية
” لكل نهضة فكرة مركزية وفكرة محفزة ”
وينطلق اهمية هذا القانون لكونه يعمل على تحديد ضوابط ومنطلقات العمل النهضوي وشكل النهضة المنشودة وكذلك تحديد خطاب وفكرة الحشد الجماهيري.
ويقصد بالفكرة المركزية هي مجموعة المبادئ العامة المركبة التي تتبناها الدولة وتعتنقها وتنظم حياتها تبعا لها ويصطبغ بها المجتمع ومؤسساته وكذلك قدرتها على التعامل مع المتغيرات وتتكون من جزأين صلب ومرن .. الصلب يعطي وصف عام للفكرة والجزء المرن يستجيب لاحتياجات المجتمع.
اما الفكرة المحفزة فهي المحور الذي يُخاطَب الناس من خلاله وتلامس اوتار قلوبهم وعقولهم بحيث تدفعهم للمشاركة وبذل الجهد وتكون مستقاة من الفكرة المركزية غير مركبة الاهداف كما انها واضحة ومفهومة للعوام، وتركز خطابها على البواعث النفسية الداخلية مثل العزة الدينية او العزة القومية.. او المثالية بحيث تكون المحور الذي من خلاله يتم استقطاب الناس بما يجد فيها الفرد من حاجته.. فكافة المصلحون والثوار خاطبوا شعوبهم من خلال احتياجات مستقرة في مجتمعاتهم ويذكر الكاتب مثالا على ذلك مارتن لوثر كينج عندما قاد حركة السود في امريكا من خلال قضية تلامس احتياجاتهم ألا وهي المساواة.
كما ويذكر الكاتب اهمية بقاء الفكرة المحفزة مستعرة في نفوس الجماهير للحفاظ على حماستهم.
ويذكر الكاتب نماذج على الفكرة المركزية مثل الفكرة الليبرالية والتي قامت على الحرية، المساواة، التعايش من خلال تبني العلمانية، التراضي القائم على التصويت ، الدستور والحوار .. بهدف اعطاء اقصى قدر من الحريات للفرد وحمايته من تغول الدولة.
وذكر الكاتب نموذج آخر.. الفكرة الشيوعية والتي تؤمن بالحرية والحوار والمساواة والتعايش والتراضي والدستور ولكن بما يصب على الفكرة الرئيسة التي تتبناها الا وهي تقليص حقوق الفرد لصالح المجموع.
كما يذكر الكاتب النموذج الاسلامي الذي قام على تنظيم العلاقة وحقوق كل من الفرد والمجتمع مبنيا بذلك على الحرية والمساواة والعدل والتعايش والتراضي والحوار والدستور .. وهذه المفاهيم مثل الحرية والمساواة والتراضي .. وردت في كل نموذج إلا ان تفسيرها يختلف وفقا للفكرة المركزية التي تصطبغ بها.
ويضرب الكاتب مثالا على ذلك مفهوم الحرية عند كل من الليبرالية والشيوعية وفي الاسلام حيث ان من حدد المعنى المراد من هذا المفهوم عند الغرب هو الاطار المرجعي الليبرالي وعند الشيوعية الماركسية اما في المجتمعات المسلمة فتم تحديده وفقا للاسلام كإطار مرجعي.. وهكذا فإن الفكرة المركزية لكل مجتمع ولكل امة هي التي تصطبغ بها مفاهيمها وتُفسر في ضوئها.
ويذكر الكاتب كيف ان اختيار الدين كفكرة مركزية لم يكن من منظور ديني فحسب بل كما يؤكد علماء الادارة والتنمية ان كلما كانت الفكرة المركزية للتغيير متوافقة مع المنظومة القيمية للمجتمعات كلما كان التغيير اسرع وانجح.. وفطن لذلك اليهود حينما اسموا دولتهم اسرائيل.
ويذكر الكاتب اهمية وجود الفكرة المحفزة كتحديات تسعى من اجلها الشعوب للنمو والارتقاء .. وذكر مثالا على ذلك عندما اصطدمت المنظومة الشيوعية مع الغرب جعل الغرب من ذلك تحديا للمنافسة والعلم والنهوض والارتقاء مع ان علماء الغرب في ذاك الوقت كانوا على علم ودراية بانهيار المنظومة الشيوعية إلا انهم ابقوها كتحد في نفوس الافراد ليستمروا بالانجاز ومع انهيار الاتحاد السوفيتي كان لابد للغرب من ان يجد محفز آخر وتحدٍ آخر يستعر في نفوس شعوبه فكان بالحديث عن الاخطر الاخضر ( الاسلامي ) والتحذير منه ونموا هذه الفكرة وطوروها لتبقى حافزا.
اما نحن الامة الاسلامية فهناك ثلاثة تحديات تنتظرنا الا وهي التحرير والنهضة والوحدة او حتى طرحها جميعا من خلال شعار ” وحدة المصير”، وما على كل قطر الا ان يختار خطابه الحاشد بما يتلاءم مع احتياجاته ليوظفه في عملية النهوض والبناء.
القانون الثاني .. المكنة النفسية…
” لا تغيير الا اذا حدث تغيير ايجابي في عالم المشاعر”
يراد من هذا القانون هو انه للتغيير من حال الامة فيجب ابتداءا الايمان بما يُراد تحقيقه بالابتعاد عن السلبية والاحساس بالياس الى التفاؤل والانجاز وهذا يتطلب تحديد الحالة المراد الانطلاق منها والحالة المراد الوصول اليها وقياس الناتج .مبينا الكاتب شروط البعث النفسي ومظاهره من الايمان بالفكرة والاعتزاز بها مع الامل بتحققها في مستقبل الشعب ونهضتها به. وذكر الكاتب امثلة على ذلك وكيف ان الاسلام في بداياته غير الروح المعنوية للامة من خلال هذه المشاعر الثلاث ، وكذلك اليابانيين عملوا على بعث شعورهم في عصرنا الحديث من خلال نفس المحاور وكذلك الشعب الالمان.
كما ذكر لنا الكاتب مثالا على الغرب وكيف قاموا بزرع المكنة النفسية على مسارين الاول هو اعادة قراءة التاريخ وعرضه بتقزيم دور الحضارات الاخرى فيه ، والثاني من خلال عمل تراكم في الانجازات العلمية، وذكر كذلك كيف قام الرسول عليه الصلاة والسلام بعملية البعث النفسي في مكة من خلال اولا :اعادة عرض التاريخ على محورين عرض مسار الانبياء وانتصاراتهم وصلته مع المسار الذي اتبعوه وسحب الشرعية عن اهل الكتاب والمشركين وبيان الاسباب.
والثاني :عمل تراكم في الانجازات العملية بعدة اشكال من خلال اعادة تعريف الهزيمة والنصر وتقديم انجازات تبشر الناس بغد افضل وتقديم انجازات من خلال تصعيد الخطاب متبعا بآلة اعلامية ضخمة تعلن عن الانجازات وآثارها الايجابية.
وتحقق عملية البعث النفسي في الامة ليس بالامر السهل بل هي من اشق خطوات الفعل النهضوي طالما ان الخصم سيستخدم الحرب النفسية لتحطيم هذه المشاعر الثلاث ( الايمان والعزة والامل).
ومن ثم يبين الكاتب المقصود بالحرب النفسية وموضوعاتها وكيف تتلقى الجموع هذه الحرب، فالحرب النفسية كما يعرفها الكاتب هي الاستخدام المحقق للدعاية بهدف التاثير على عواطف وسلوك الشعوب والراي العام للجماهير بما يحقق للدولة المعادية أهدافها، وتختلف موضوعات الحرب النفسية من دس الذعر الى اثارة البلبلة ودس الشائعات وتضخيم حجم قوته وتحقير من الطرف الآخر الى استغلال الانشقاقات الدينية.. وتختلف استجابة الشعوب للحرب النفسية حسب طبيعة افرادها.حيث انهم في الوضع الآمن ينقسمون الى ثلاثة اصناف من العقول القادة والمثقفين وعقل العوام المنساق وراء عواطفه.
وفي الازمات فإن المثقف ينضم الى العقل العامي فنجد ان امامنا شريحتين من العقول عقل القائد والعقل العامي.
ومن ثم يذكر الكاتب نماذج على الحرب النفسية ومنها نموذج امريكا وفيتنام عندما حاولت امريكا بقوتها العظمى ان تهزم دولة ضعيفة ولم تستطع نتيجة قلب المعادلة لصالح الفيتناميين بكسر ارادة الخصم امريكا من خلال تركيز الجهود على الحرب النفسية ، وكذلك يذكر الكاتب نموذج الكيان الاسرائلي مع الدول العربية وكيف يؤثر هذا الكيان الصغير على مجموعة كبيرة من الدول من خلال فن المحاربة النفسية.
ويؤكد الكاتب على اهمية اعادة صياغة آليات البعث النفسي في الحرب النفسية من اعادة صياغة الخطاب الجماهيري واعادة صياغة التعليم وكافة اشكال التوجيه بما يكفل الوعي اللازم لدى كل فرد مسلم اتجاه هذه الحرب النفسية.
ويتطرق الكاتب الى فضل المقاومة مستشهدا على كل من حركات المقاومة في فلسطين وحركات المقاومة في العراق وكيف ان دور كل من هما لم يقتصر على مواجهة العدو ومحاولة دحره فقط بل كان لهما دور كبير في ازدياد التراكمات العملية امام الشعوب مما جعلهما حافزا ودافعا يجرئهم على الفعل المقاوم وهذا بحد ذاته هو ما يشكل خطرا امام الاحتلال عندما يجد نفسه لا يواجه فقط حركتي مقاومة بل يواجه شعوب تعتنق المقاومة كمنهج فكري وعملي
،’
،’
القانون الثالث .. التغيير الذاتي ..
” لا تغيير الا اذا حدث تغيير ايجابي في عالم السلوك ”
ويُراد من هذا القانون ان عملية التغيير المنشودة لن تتحقق الا اذا تواجد كم نوعي من الافراد يفقه هذا القانون من حيث ان اي عملية تغيير منشودة تتطلب ابتداءا تغييرا في ممارساتنا وواجباتنا اتجاه الخالق واتجاه الذات واتجاه الخلق.مستشهدا على ذلك بقوله تعالى ” ان الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بانفسهم ” فالتغيير الخارجي في احوال مجتمع او الامة لا يتم الا اذا حدث تغيير داخل هذه الانفس في مجال الفكر العقل ومجال المشاعر القلب وما يتبع ذلك في مجال الممارسة والسلوك.
ومن ثم يتطرق الكاتب الى المراحل التي تمر بها عملية التغيير من مرحلة الانكار ومن ثم المقاومة لها وبعد ذلك تمر مرحلة التغيير بمرحلة الاكتشاف حيث يبدا التعرف عليها وثم يتساءل الناس عن ادوارهم فيها وتبدا مرحلة الالتزام، كسر الاماني والعادات وتغيير السلوك.
القانون الرابع .. اختيار الشرائح ..
” تحتاج اي نهضة لشريحة بدء وشريحة تغيير وشريحة بناء ”
ويُراد من هذا القانون هو التاكيد على اختيار الفئة الملائمة لكل فترة من فترات المشروع فشريحة البدء هم الذين يجتمعون حول فكرة معينة ويقومون بالتعريف عليها والتبشير بها ويثبتون عليها ويستعدون للتضحية من اجلها تماما مثل مرحلة الدعوة السرية في مكة 3 سنوات والجدير بالذكر ان لهذه المرحلة يجب ان يكون عمر محدد، وشريحة التغيير هم من يستطيعون تغيير الاوضاع ودعم الفكرة بأدوات القوة اللازمة لاحداث التغيير، وشريحة البناء وتشمل جميع فصائل المجتمع ممن يؤمنون بالفكرة التي تم تبنيها اولا فالكل يساهم في عملية البناء كجزء من التحولات الاجتماعية والحراك الاجتماعي الناتج من استيعاب جميع شرائح المجتمع وفئاته والعقد الاجتماعي العادل.
ويؤكد الكاتب اهمية وجود شريحة التغيير فشريحة البدء ليس ادل على سهولتها كثرة التنظيمات والتجمعات والتيارات الفكرية في العالم الاسلامي ، ولكن المعضلة تبقى في الوصول الى شريحة التغيير التي تحمل المشروع وتصبغ المجتمع به.
ويذكر الكاتب امثلة على ذلك من واقع السيرة النبوية وكيف عمد المصطفى صلوات ربي عليه الى تكوين شريحة التغيير عندما حاول تكوينها في مكة لسبع سنوات وفي السنة العاشرة للبعثة لجأ لتكوينها من القبائل المحيطة بمكة وعرض نفسه على ستة عشرة قبيلة بهدف الحصول على القوة والمنعة والوصول الى قوة قادرة على وضع المشروع الاسلامي موضع التنفيذ، ومن ثم تطرق الكاتب لمثال آخر مع الخيار الروسي وكيفية اختياره شريحة التغيير من فئة العمال التي تبعها السيطرة على زمام المبادرة نتيجة امتلاك المال والتحكم في الاقتصاد،و في الصين اعتمد ماوتسي تونج على الفلاحين كشريحة مؤثرة ، اما التجربة العباسية في اختيار الشريحة المؤثرة فقد تم اختيار اهل خراسان وعادة ما يتم اختيار شريحة التغيير بناء على معايير ومواصفات محددة عمريا واجتماعيا ومهنيا وتعليميا وهذا يعتمد على تصور ووسيلة ووعمق التغيير المطلوب.
وبعد الوصول الى مرحلة التمكين فهنا تسبق مرحلة البناء مرحلتي تحدي البقاء والبحث عن الاستقرار… وهاتان المرحلتين ضروريتان ويحتاج فيها المجتمع الى كافة طاقاته على اختلاف توجهاتهم دون اقصاء اي توجه فإذا ما فقد العدل فقدت عملية التغيير دورها وانتكست الامور..
القانون الخامس .. القوة والخصوبة ..
” ان قوة الامم ونهضتها انما تقاس بخصوبتها في انتاج الرجال الذين تتوافر فيهم شرائط الرجولة الصحيحة ”
ويُراد من هذا القانون ان قوة الامم انما تُقاس بقدرتها على اعداد الرجال وتأهيلهم للمشاركة في عمليات التغيير وتحويل الافكار الى واقع ، ويذكر الكاتب مفهوم التربية ويستذكر موقف الرسول صلى الله عليه وسلم من اصحابه وكيف كانت تربيته واعداده لهم الذي تباين الى ستة اقسام حسب الكيفية التي تلقوا بها تربيتهم عن رسول الله، فمنهم من لازم الرسول وصحبوه من مبعثه الى وفاته ولا يتجاوز عددهم المائتي صحابي اما القسم الثاني فيشمل من اخذوا الامر من رسول الله بالهجرة بعد اسلامهم وتركهم مكة ، وقسم آخر اسلموا في المدينة قبل ان ياتيها رسول الله، اما القسم الرابع فيشمل الذين اسلموا اثناء الصراع والجهاد ، والخامس من كانوا يكتمون اسلامهم قبل الفتح ، والسادس من اسلموا بعد الفتح ولحقوا بشرف صحبة الرسول عليه الصلاة والسلام ، كما شرع الكاتب بتوضيح نقطة مهمة الا وهي ان عملية التربية لم تكن تستغرق زمنا طويلا حتى يؤذن للفرد بالعمل ، فالعمل في ذاته تربية وليس هناك ارتباط شرطي بين التربية الطويلة وبين نتائج العمل وبين العمل الذي سيقام به ، فالجميع يُشارك في المشروع النهضوي الاسلامي وبتوظيف صحيح للطاقات.
ويفرق الكاتب ما بين التربية في الحالات السرية وما بين العلنية، ومن ثم يتطرق الى مخرجات التربية المطلوبة وهي:
اولا استقلال النفس والقلب ؛ ويراد منها الدوران حيث دارت الفكرة وبغض النظر عن الاشخاص انطلاقا من حب الحق لا حب الاشخاص ، اما الثاني فهو استقلال الفكر والعقل ؛ ويهدف الى تعليم والتدريب على النظر الناقد الى الاشياء ليقيس الصواب من الخطأ والتفكير الابداعي لايجاد الحلول ، اما الثالثة فهي استقلال الجهد والعمل ؛ فلا يكفي الانتماء الى تيار الصحوة دون انتاج او مشاركة او عطاء .. واكد الكاتب على اهمية المراجعة ليس بهدف محاسبة الاشخاص واتهام نواياهم بل بهدف تجنب تكرار الاخطاء والاستفادة من التجربة للاجيال اللاحقة، ويؤكد على اهمية انشاء جيل يتمتع باستقلالية قلبية عقلية عملية لنخرج جيلا من القادة وليس جيلا مربى تربية الاطفال، وهذا الجيل وهذا الانسان الذي نريد ،هو الذي لديه خمسة صفات : الرباني العامل المفكر الجريء المنتج.. اما الكيفية المقترحة لذلك فهي ثلاث حزم ؛
حزمة الادوات الشرعية وحزمة الادوات الادارية وحزمة العلوم الانسانية، اما آليات التربية العامة منها فهي الصلوات المفروضة والاذكار والحج والعمرة وكل امر او ندب او نهي ، اما الخاصة منها فيحدده كل تيار حسب ما يختص به .
وتطرق الكاتب لبعض الاخطاء التربوية مثل تبرير الفشل ، وتكرار السير في الطرق المسدودة، وكذلك استخدام التربية كأداة للتحكم بدلا من الوصول للاهداف، وايضا تكرار نفس المراحل التربوية التي مر بها المربي ليطبقها على اتباعه وهذا خطا فادح فالنفوس البشرية تختلف بما يرفعها ويقربها الى الله ، وايضا من الاخطاء كان شيخوخة التنظيمات ولا يقصد بها اعمار قادتها بقدر ما يقصد بها معاملة الاتباع كأطفال ، وكذلك الفهم الخاطيء للقاعدة الصلبة ويقصد به التوصيف الشرطي تشددا او تساهلا للمنتمين لها بينما ينظر الكاتب للقاعدة الصلبة على انها تتكون وحدها ممن حملوا المشروع وانطلقوا به من المخلصين.
القانون السادس .. المؤشرات الحساسة ..
” لكل نهضة موفقة مؤشرات نجاح حساسة تبشر بإمكانية تحقيقها في الواقع ”
ويُراد من هذا القانون ان لكل نهضة علامات تبين مدى القرب او التأخر عن تحقيق الهدف وتعمل هذه المؤشرات كجهاز انذار مبكر لاتخاذ القرارات، وتصنف هذه المؤشرات لقياس عمل التجمعات الى مؤشرات ثقافية ، اقتصادية ، اجتماعية ، سياسية، روحية ، حضارية ، صحية وتعليمية .
ويبدا الكاتب بمؤشرات النجاح الا وهي عموم الدعاية ، كثرة الانصار ، ومتانة التكوين. حيث يتم دراسة مدى عموم الدعاية النهضوية من دراسة جمهورها لمعرفة مدى انتشارها وجهاز الدعاية بدراسة نوعيتها ونوع الخطاب الذي تبثه وقد يشارك في هذه المنظومة دول وحكومات ، وتطرق الكاتب الى مقومات الحملات الدعائية والسبب المباشر لانجاحها، وذكر الكاتب اهمية قياس ومعرفة انصار المشروع النهضوي فغالبا ما يعني وجودهم كنظام يحمي المشروع من التحوصل عندما تكون مدخلات هذا النظام فكر ومال ورجال لتوظف بما يخدم مشروع النهضة ، ويتم تحديد هؤلاء الانصار حسب نوع الارتباط هل هو عاطفي ام عضوي ام فقط مشاركة بمشاريع محددة، ومن ثم تطرق الكاتب الى صنف آخر من المؤشرات والتي توضع بغية معرفة مدى متانة التكوين والبنية للمؤسسة النهضوية وفق نظامين السباعي والرباعي ، اما السباعي فيقيس المكون الفكري للمنظمة ، الاستراتيجية، الهياكل، القوى البشرية، المهارات، النظم والاجهزة، ثقافة بيئة المنظمة. اما النظام الرباعي فيتألف من المنظمة ، موارد المؤسسة، ومعرفة المؤسسة، ونظام التخطيط فيها.
ومن ثم انتقل الكاتب ليحدثنا عن المؤشرات الحساسة للعملية التربوية الجماهيرية ، ويقصد بها مدى اهتمام وتاثير المنظمة او المؤسسة النهضوية في بالشأن العام والتربية العامة وتربية المجتمعات، حيث انه غالبا ما يبقى اهتمام المنظمات محصورا داخلها وعلى افرادها وهذا خطأ فادح ، ويؤكد الكاتب على اهمية هذه المؤشرات التربوية في قياس مدى انحسار كل ما هو سلبي من اخلاق ومدى انتشار كل ما هو ايجابي وعدالة وانصاف واكثر رحمة للعالمين بين افراد المنظمة ، اما على مستوى المجتمع فوضع مؤشرات لقياس متانة تكوين الاجهزة المختلفة من مدارس وجامعات ومراكز بحوث لمعرفة مدى استنهاض الامة وللوصول الى هذه المرحلة يجب ان يكون هناك تعاون بين الحكومات والتيارات وكافة الاتجاهات في المجتمع .
ومن ثم تطرق الكاتب الى عوائق وجود مؤشرات وذكر منها الامكانات ، غياب التصنيف الدقيق، وغياب الثقافة الرقمية .
القانون السابع … التدافع ..
” ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ”
ويُراد من هذا القانون ان جوهر الوجود البشري قائم على التضاد وعلى هذا التدافع المستمر لخلق الله على ارضه ، وستبقى عملية التدافع مستمرة في السلم والحرب الى ان يرث الله الارض، ويقصد بدفع القول اي رده بالحجة.
وتطرق الكاتب الى المراحل الثلاث التي تمر بها المؤسسة او المنظمات والاحزاب وحتى الدول في طريق نهضتها اما المرحلة الاولى فهي مرحلة البقاء والوجود ، والثانية هي مرحلة الاستقرار ، والثالثة هي مرحلة النماء او التنمية وبعد بلوغ هذه المرحلة تبدأ عملية التدافع البشري على نوعين التنافس اي فوز الطرفين وحصولهما على مكاسب يرضى بها كليهما ، والنوع الآخر هو الصراع والذي يقوم على عدم تقبل احد الطرفين للآخر ويسعى الى انهائه.
ويؤكد الكاتب من النظر الى التاريخ والى الحاضر من وجود التدافع كأحد السنن الكونية في عدة مجالات على مستوى الفكرة والمنظمات والاشياء، ويقوم جوهر التدافع على محاولة احد الاطراف مختلفة الرؤى على فرض ارادته على الطرف الآخر وقوامه عنصر القوة بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة .
ويتطرق الكاتب الى دور القيادة في عملية التدافع بضرورة التطوير المستمر لمنافسة بقية العقول القائدة ، خلق ميزة تنافسية للمنظمة امام المنافسين ، واستخدام ادوات القوة من قوة مادية فكرية وبشرية.
ومن ثم انتقل الكاتب للحديث عن اشكال سبعة في العمل التدافعي التي يعتبر الالمام بها امر حتمي وضروري على القادة لمعرفة البدائل المتاحة امام اي حراك تغييري يراد له النجاح وكذلك كافة الطبقات العاملة يجب ان يكون لديها فكرة عنها ؛ اما الاول فهو الحرب ، حيث تعتبر الحروب هي لغة حوار الارادات بهدف اخضاع وكسر ارادة الخصم وهي على ثلاث مستويات كبيرة ومتوسطة وصغيرة ومعرفة هذا مهم للقادة لمعرفة كيفية التصرف في الازمات، اما الثانية فهي الانقلابات ويُراد بها وجود فريق داخل السلطة يقوم على اسقاط فريق العمل السابق والحلول مكانه ، اما الثالث فهو الثورات وهي اشمل من الانقلابات لتغير البنى السياسية والاجتماعية والاقتصادية مع تغير نظام الحكم ، رابعا العمل السياسي او العمل النضالي الدستوري وعلى القائد ان يكون ملما بالادوات الخاصة بالعمل السياسي وان لم يمتلك هذه الادوات فهو غير مؤهل بالقيادة، خامسا التفاوض وهو مهم جدا عند امتلاك القوة والسلطة والنفوذ مع عدم القدرة على فرض الارادة على الطرف المقابل في الوقت نفسه،سادسا حركة اللاعنف وهو الاعتماد على ادوات اجتماعية ونفسية واقتصادية واضرابات العمالة وحتى اقامة حكومة الظل للضغط على الخصم للتصرف على النحو الذي يريده قادة حركة اللا عنف، اما الشكل السابع فهو الارهاب سواء ارهاب الدولة او المنظمات.
وقام الكاتب على تقسيم وسائل التغيير الى نوعين سلمي وعنيف ، اما السلمي فيشمل اسلوب بارد وهو التفاوض واسلوب ساخن وهو حركة اللا عنف ، اما النوع الآخر العنيف ويشمل كل من جيش خارجي والثورة والانقلاب.
القانون الثامن .. الفرصة ..
” الاحداث العظيمة يصنعها اقتناص الفرص “..
ويُراد من هذا القانون اهمية اغتنام اللحظات التي يكون بها الظرف مناسبا للتقدم وهو يعتمد على مدى الاستعداد والجاهزية والسرعة وحسن التوقيت كما ان قانون الفرص جزء من عملية التدافع، ومن ثم يذكر الكاتب انواع الفرص جزئية وكلية..وينتقل مباشرة لقانون الجاهزية وبيان اهميته في اقتناص الفرص او تفويتها وهي عملية نسبية بدراسة الاحتمالات الاساسية الاربعة المتواجدة في عملية التدافع الا وهي ؛ احتمالية بقاء الوضع القائم كما هو ، والثاني هو احتمالية الانقلاب الجذري بسبب دراسة من الدراسات، اما الاحتمال الثالث فهو ان يغلب الاستمرار على التغيير اي يحدث تغيير لكنه طفيف ، والرابع ان يكون احتمالية التغيير كبيرة ولكنه ليس جذريا .
ومن ثم انتقل الكاتب الى كيفية بناء الاحتمالات او السيناريوهات كما اسماها من حيث الوصف العام له والاطراف الفاعلة فيه والشروط الابتدائية وتوقيت البداية والمدى الزمني المحتمل له. ولا تستطيع اي جهة ان تحدد كافة الاحتمالات وتخطط لها ، ولكنها تستعد وتخطط للسيناريوهات الغالبة لتستثمر الظرف الذي سيحدث للتقدم او تلافي الاخطار.
ومن ثم انتقل الكاتب الى قانون آخر يؤثر في قانون الفرصة الا وهو قانون السرعة ، فاغتنام الفرص لا يقتصر على الاكثر جاهزية فقط بل لقانون السرعة حينها الغلبة في جوهر الصراعات وخصوصا بين الاطراف المتقاربة ، وهنا يتضح اهمية ان تتمتع العقلية القيادية لحظة الفعل بعقلية رجال الاعمال الذي يسارع في اغتنام الفرص وعقلية الطبيب الذي يعالج حالات خاصة وعقلية المفكر التحليلية، ومن ثم انتقل الكاتب الى اهمية معرفة المنظمات الخطوط الامامية التي تواجه الفعل مباشرة وتتحمل نتائجه من استعداد مادي وسياسي واعلامي وبين الخطوط الخلفية التي تقوم على دعم هذا الفعل من تنمية روحية وفكرية وثقافية والتوازن بين هذين الخطين مهم جدا الا ان للخط الامامي اهمية اكبر لان من خلاله يتم الصراع واي تقصير به يترتب عليه انهيار مكاسب هذه المنظمات.
ولفت الانتباه الكاتب الى ان الفرص نوعين فرص يمكن إحداثها وفرص تتوالد من الاحداث وغالبا ما تستطيع المنظمات الصغيرة على الاستفادة اكثر من المنظمات الكبيرة لمرونتها.
القانون التاسع .. التداول ..
” وتلك الايام نداولها بينن الناس ”
ويراد من هذا القانون زرع الامل في قلوب طلاب النهضة فدوام الحال من المحال ولابد لكل امل يصحبه حراك واستعداد للفرص القادمة من ان يصبح حقيقة ، وكل ما علينا كطلاب للنهضة من الاستعداد والتحرك المستمر لاقتناص اللحظات التاريخية وعلى هذا فإن قانون التداول يقوم على الاستعداد القبلي ومن ثم اقتناص الفرصة وبعد ذلك العمل البعدي.
القانون العاشر : الدعائم السبعة للنهضة ..
ويُراد من هذا.. العمل البعدي الذي يلحق مرحلة التمكين وهنا سيتم ذكر مجموعة من العناصر او الدعائم اللازمة لاستنهاض الامة ، اما الدعائم السبعة فهي :
اولا :الروح المشبعة بالامل وامكانية الفعل التاريخي والتفوق على الاطراف الاخرى،
ثانيا :الاعتزاز بالذات والتراث المجيد حيث ان هذين الحافزين الامل والاعتزاز يجعلان العمل الشاق هينا ،
ثالثا: العلم الغزير من علم الدنيا والدين للوصول الى مجتمع الرشد الذي يبحث عن المعرفة ولا يبحث عن الاشياء كما ان المجتمعات المعرفية يصبح بامكانها من خلال المنظومة الثلاثية البحوث والمصانع وحسن الاستخدام للاشياء من الوصول الى التكنولوجيا الحقيقية،
رابعا :القوة والاستعداد ويراد بها الاستعداد في كافة الاتجاهات مثل القوة العسكرية وكيفية امتلاك ادوات الردع والعلوم المتعلقة بها وكذلك التعمق بعلوم الفضاء واعتبرها الكاتب من فروض الاعيان الى ان تتوافر الكفاية،
خامسا : منظومة قيمية صالحة وفاضلة تضمن لجميع من يحيا في مجتمع النهضة كل من العدل والكرامة والحرية ،
سادسا: المال والاقتصاد ويقصد به تطوير نظام اقتصادي يسمح للافراد بتحقيق ذواتهم وكرامتهم ،
سابعا :اسس النظم ويراد منها النظم التي سيقوم عليها المجتمع في منظومة متكاملة سياسية واجتماعية وتربوية وخلقية كلما ازدادت قوتها كلما زادت قوة المجتمع في العلم وفي التصنيع والجيش وحقق نهضته وتنميته.
هذا ويلفت الكاتب نظر القراء الى ان هذه القوانين لقادة النهضة وطلابها كانت على سبيل اضاءة الطريق للطامحين لا الحصر .